ذكريات السيد محمد نظيم: قامة إنسانية ونموذج فريد في العطاء والعمل العام

في مثل هذا اليوم، السادس والعشرين من سبتمبر، وقبل عشرين عاماً بالتمام، غيّب الموت السيد محمد نظيم الحاج بن إسماعيل، عن عمر ناهز 72 عاماً، بعد حياة حافلة بالبذل والعطاء، جسّد خلالها أسمى معاني التواضع وخدمة الصالح العام.
لقد كان الراحل الكريم شخصية نادرة جمعت بين الإيمان العميق بالواجب الوطني، والإخلاص التام في العمل الإنساني والاجتماعي. ولم يكن ممن يلهثون خلف الأضواء، بل آمن بأن خدمة الناس هي أنبل رسالة يؤديها الإنسان. ولذلك سخّر ما أنعم الله عليه من مال وجهد في تنفيذ مشاريع خيرية وتنموية أسهمت في تحسين حياة كثيرين، وترك بذلك بصمة خالدة في قلوب أبناء وطنه.
وقد عمل السيد نظيم بصمت، وترك أثراً لا يُمحى، حتى أصبح مثالاً يُحتذى به في النزاهة، والكرم، والروح الوطنية الصادقة. وهو بلا شك يُعد من أولئك الرجال الذين يشكّلون جزءاً من الذاكرة الحية للمجتمع، والذين يخلّدهم الناس بفضل أعمالهم قبل أسمائهم.
واليوم، إذ نحيي الذكرى العشرين لرحيله، لا نستذكر غيابه فحسب، بل نُجدّد العهد بالسير على درب القيم التي آمن بها: التواضع، والإيثار، وخدمة الناس دون مقابل. لقد كان نموذجاً للمواطن الصالح، الذي يعلو على الانتماءات الضيّقة، ويضع مصلحة الوطن والمجتمع فوق كل اعتبار.
سيرة مختصرة ومساهمات بارزة
📌 النشأة والبدايات
• وُلد في 4 أبريل 1933 بمنطقة “تشينانكوتاي” في بيروالاي، سريلانكا.
• نشأ في بيئة متواضعة، وترك المدرسة مبكرًا للالتحاق بسوق العمل.
📌 المسيرة التجارية
• بدأ من الصفر وحقق نجاحًا باهرًا في تجارة الأحجار الكريمة.
• نال لقب “ملك الأحجار الكريمة” (Gem King) في سريلانكا والعالم.
• عُرف بالنزاهة والصدق، مما جعله شريكًا موثوقًا لدى جميع الطوائف.
📌 المساهمات الاقتصادية والوطنية
• شارك في تأسيس هيئة الأحجار الكريمة عام 1972 وكان أول من قدم حجرًا للتصدير باسم الهيئة.
• ساهم في تطوير سياسات قطاع الأحجار الكريمة.
• مثّل سريلانكا في استقبال الملكة إليزابيث الثانية عام 1981، حيث قدّم لها الياقوت الأزرق كهدية باسم الدولة.
📌 دعم الحكومة بالعملة الأجنبية
• خلال أزمة 1974، تبرّع بـ 1.5 مليون روبية من العملات الأجنبية للحكومة.
• سلّم التبرع رسميًا لرئيسة الوزراء سيريمافو باندرانايكا.
• يُعد أول مواطن يقدم دعمًا بهذه الصورة للدولة.
📌 المساهمة في التعليم
• دعم تطوير المدارس الحكومية في بيروالاي ومناطق أخرى.
• أسس الجامعة النظيمية عام 1973 لدعم التعليم الإسلامي والعام.
• أشاد بها وزراء وأكاديميون بارزون، منهم د. نيسّانكا، والبروفيسور هيتياراشي.
📌 النهضة التعليمية الوطنية
• أطلق عام 1981 “حركة النهضة التعليمية” لدعم الطلاب من خلفيات ضعيفة.
• قدّم منحًا دراسية ودورات تقوية لطلاب الشهادات.
• ساعد آلاف الطلاب على دخول الجامعات وتخرّجهم لاحقًا في مناصب مرموقة.
📌 التعليم الفني
• أسس كلية “إقرأ” التقنية في بيروالاي عام 1992، وافتتحها الرئيس السريلانكي الراحل بريماداسا.
• هدفت إلى تطوير الكفاءات التقنية للمشاركة في التنمية الوطنية.
📌 توثيق التاريخ الإسلامي
• موّل مشروعات بحثية لتوثيق تاريخ مسلمي سريلانكا.
• دعم إصدار الكتاب الأكاديمي: “Muslims of Sri Lanka – Avenues to Antiquity” الذي أطلقه الرئيس الراحل جاي. آر. جايواردينا عام 1986.
📌 العمل الخيري والاجتماعي
• قدّم مساعدات يومية للفقراء من مختلف الأديان والطوائف.
• بنى مركز “سوساريتا” الاجتماعي كمساهمة خالصة في التنمية الاجتماعية.
• دعم العديد من دور العبادة والمؤسسات الدينية، بلا تفرقة دينية.
📌 المساهمة في قطاع الرياضة
• موّل إنشاء ملاعب رياضية للمدارس على مستوى البلاد.
• أنشأ “قاعة نظيم الرياضية” في بيروالاي، وافتتحها رئيس الوزراء ددلي سيناناياكا عام 1970.
• قدّم 500,000 روبية لمجمع “سوغاثاداسا” الرياضي الوطني.
• دعم تطوير ملعب SSC، وأنشأ فيه منصة “Bayraha Pavilion” للمشاهدين.
• أُشيد به كمساهم فعّال في تطوير الرياضة الوطنية، لكنه رفض المناصب والأوسمة الرسمية التي عُرضت عليه تواضعًا.
📌 الصفات الشخصية والإرث
• تجسّد فيه التواضع والإيثار والعمل من أجل المصلحة العامة.
• رفض مناصب رفيعة عرضتها عليه الدولة، منها عضوية لجنة اقتصادية عليا.
• توفي في 26 سبتمبر 2005، عن عمر 72 عامًا.
• يُعتبر قدوة وطنية ومصدر إلهام للجيل القادم من رجال الأعمال والخيرين.
بقلم✍️ : الشيخ الدكتور محمد مخدوم بن عبد الجبار