خطاب رئيس “علماء سريلانكا” التاريخي أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف
عقد مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة الدورة السادسة عشرة للمنتدى المعني بقضايا الأقليات في جنيف خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 01 ديسمبر2023. وحضره العديد من الشخصيات البارزة التي تمثل الأقليات من مختلف أنحاء العالم. كما شارك وفد مثل الأقلية المسلمة السريلانكية، برئاسة رئيس جمعية علماء سريلانكا (ACJU) فضيلة الشيخ المفتي محمد رضوي بن محمد إبراهيم.
ومن جانبه، قدم المفتي رضوي إلى المنتدى، ورقة بحثية حول القضايا ذات الأهمية العالمية، وألقى خطاباً مؤثراً شدد فيه على ضرورة التسامح الديني والحوار والتعاون بين مختلف الأديان والمجتمعات، مؤكداً التزام جمعية علماء سريلانكا بتعزيز التفاهم والسلام في عالم يتسم بالتنوع والتعقيد.
كما استخدم المنصة للدفاع عن حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والتعايش السلمي بين المجتمعات المتنوعة، حيث قدم توصياته التجريبية والعلمية حول دور العلم والتكنولوجيا في استعادة حقوق الإنسان. وتطرق إلى المخاوف الملحة التي تواجه المسلمين في جميع أنحاء العالم والمنطقة، مسلطًا الضوء على دور الجمعية في تعزيز العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان والتعايش الديني.
وشدد خلالها على ضرورة ضمان حقوق الإنسان في العالم، وإقامة العدالة الاجتماعية والتعايش المشترك، وأن يكو ذلك على ملامح ميثاق المدينة المنورة الذي يعتبر أول دستور سياسي مكتوب في تاريخ البشرية، وضعه نبينا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، مسلطاً الضوء، كيف ساهم ميثاق المدينة المنورة في إرساء العدالة الاجتماعية، وتنظيم الفضاء الديني وبناء الاعتدال، والتسامح والتعايش بين مختلف الأديان والثقافات، وشدد على ضرورة بذل الجهود لتنفيذ هذا الميثاق في عالم اليوم، وعلى أهمية الحوار والتعاون بين الأديان كأدوات أساسية لبناء عالم أكثر انسجاما، الأمر الذي لاقى قبولاً واسعاً لدى الحضور.
وفيما يلي النص الكامل لخطاب الشيخ رضوي أمام المجلس:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين. وصلى الله على محمد خاتم النبيين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته!
وأغتنم هذه الفرصة لأعرب عن خالص امتناني لمعالي الأمين العام وأعضاء المجلس الموقرين لمنحي هذه الفرصة القيمة لمخاطبة هذا الجمع المرموق اليوم.
كرامة الإنسان
اسمحوا لي أن أقرأ آية من القرآن الكريم تؤكد على كرامة الإنسان.
«وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا». (سورة الإسراء، 17 الآية: 70)
إن مصطلح “بني آدم” يستثني تماماً كافة أشكال التمييز على أساس العرق أو اللون أو الجنس وما إلى ذلك. فالكرامة الإنسانية هي أساس المساواة بين البشر.
فيعلمنا القرآن الكريم أن المعيار الحقيقي الوحيد الذي يميز به الناس على بعضهم البعض هو التقوى، وما يصدر عنها من أعمال صالحة.
«يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ» (سورة 49، الآية 13).
فالجنس البشري كله ليس سوى عائلة واحدة. وإن التقسيم إلى قبائل وأمم وأجناس يهدف إلى إعطاء البشر معرفة أفضل بالخصائص الفريدة لبعضهم البعض، من حيث اللغة والثقافة والموارد الوطنية وغيرها من الصفات الجيدة المميزة والتي من خلالها يستفيد بعضهم من بعض.
التعايش
«وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ» (6: 108)
إن نجاح البشرية وازدهارها يعتمد بشكل كبير على تعزيز الخصال الحميدة، وإعلاء شأن الإنسانية والأخوة.
وإن التحدي الأكبر الذي يواجه كل مواطن، اليوم، هو بذل الجهد في بناء العلاقات الطيبة بين المجتمعات، من أجل نجاح الوطن وازدهاره. وبشكل خاص، يجب على كل فرد أن يبذل جهدًا في تعزيز العلاقات القائمة مع أبناء المجتمعات الأخرى.
نحن، مسلمو سريلانكا، انخرطنا باستمرار في جهود مخلصة لبناء الوئام بين جميع المجموعات العرقية على مدى العقود الماضية.
ومن المهم تعزيز الوحدة الاجتماعية والتعايش السلمي مع المجتمعات الأخرى، وتعلم وممارسة الوحدة في التنوع وتعزيز الانسجام العرقي، خاصة في ظل التحديات المعاصرة داخل الأديان المختلفة.
لقد أدركنا الأهمية القصوى للعمل مع القادة الاجتماعيين والحكومة وغيرهم من الزعماء الدينيين لتنظيم الفضاء الديني وبناء الاعتدال والتسامح والتعايش.
ومع التحديات المعاصرة التي يواجهها العالم من حولنا، تزايدت في الآونة الأخيرة الحاجة إلى المبادرات التي تبني الجسور بين المجتمعات. وبناءً على ذلك، فإن العمل جنبًا إلى جنب مع قادتنا المتفانين في البلاد يظل أولوية قصوى.
وإن نجاح البشرية وازدهارها يعتمد بشكل كبير على تعزيز الخصال الحميدة، وإعلاء شأن الإنسانية والأخوة.
واستناداً لما جاء به القرآن الكريم وتعاليم النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، هناك أربع مراحل للحفاظ على التعايش داخل المجتمعات.
• التعارف المتبادل بين بعضنا البعض.
• بناء تفاهم أفضل بين بعضنا البعض.
• إرساء قيم التسامح بين بعضنا البعض.
• التعاون المتبادل في الأوضاع المقبولة.
ومن أجل استعادة التفاهم بين المجتمعات، تقوم جمعية علماء سريلانكا، ببناء مراكز الوئام والمكتبات في المساجد والمدارس والجمعيات في البلاد، على غرار الممارسة السنغافورية.
ومن الجدير بالذكر أن ما قامت به الجمعية من نشر سلسلة كتب بهدف تعزيزالحوار الاجتماعي، أدى إلى زيادة التفاهم الجيد بين المجتمعات، كما أن الجولة التعليمية الهامة التي نظمتها تحت شعار “دعونا نحمي تراثنا الوطني” عززت الروابط القوية داخل المجتمعات.
ميثاق المدينة المنورة
لقد نزلت تعاليم الإسلام لتعزيز السلام والمحبة والتعايش بين البشرية، كما تؤكد ميثاق المدينة المنورة، جوهر الدين في التسامح والتنوع والتعايش بين الأمم.
ومن الجدير بالذكر أن أحد الدساتير الأولى في التاريخ فيما يتعلق بالشعائر الدينية قدمه حبيبنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة، والمعروف بميثاق المدينة المنورة.
وتعتبر معاهدة المدينة التي صاغها النبي صلى الله عليه وسلم بعد هجرته تاريخياً من أهم الوثائق الدستورية في العالم.
لقد أرسى هذا الدستور مبدأ احترام “التنوع” ونبذ “الخلافات”، كما أقر النبي (صلى الله عليه وسلم) حرية العقيدة والعلاقات بين الأديان.
ومن خلال الاحترام والتفاهم المتبادلين بالتنوع والتسامح لبعضنا البعض بالعيش وحب ثقافة الآخر مع الحفاظ على هويتهم، سيتحقق التعايش السلمي الذين يساهم في تنمية بلادنا.
ويجب أن يكون إرساء السلام والوئام والتعايش هو الطموح والجهد الرئيسي لجميع الوطنيين من أجل التقدم الشامل لأوطانهم.
His full speech:
“In the Name of Allah, the Merciful, the Beneficent – All praise is due to Allah, Lord of the worlds, and the [praiseworthy] end is for those who fear Him; and may Allah send blessings upon Muhammad, seal of the Prophets, and upon all the Prophets and Messengers”
With the name of Allah, the All-Merciful, the Very-Merciful
Assalamu Alaikum Wa Rahmathullahi Wa Barakathuhu!
May the Peace and Blessings of the Almighty Allah be upon all of you!
I take this opportunity to express my sincere gratitude to the Honorable Secretary General, and distinguished Members of the House for granting me this valuable opportunity to address this prestigious gathering today.
Dignity of Mankind
Let me recite a verse of the Holy Quran which emphasizes on dignity of mankind.
“And We bestowed dignity on the children of ’Ādam and provided them with rides on the land and in the sea, and provided them with a variety of good things and made them much superior to many of those whom We have created.” (Surah 17 Verse 70)
The term “children of Adam” completely excludes all forms of discrimination based on race, colour, or gender etc. Human dignity is the basis for human equality.
The Holy Quran teaches that the only real criterion by which people surpass each other is that of piety– and the performance of righteous deeds that result from it
“O Mankind, We have created you from a male and a female, and made you into races and tribes, so that you may identify one another. Surely the noblest of you, in Allah’s sight, is the one who is most pious of you… ” (Surah 49 Verse 13)
The whole human race is but one family. Division into tribes, nations and races is meant to give human beings better knowledge of one another’s unique characteristics, in terms of language, culture, national resources and other peculiar good qualities and through which, benefit from one another.
Coexistence
“Do not revile those whom they invoke other than Allah” (6:108)
The success and the prosperity of mankind depends heavily on the strengthening of good qualities, and the upholding of humanity and brotherhood.
The biggest challenge for every patriot, today, is making effort in building good relationships among the communities, for the success and prosperity of the country. Particularly, every individual should make an effort in strengthening the existing relationships with the people of other communities.
We, the Muslims of Sri Lanka have continuously engaged in sincere efforts to build harmony within all ethnic groups over the past decades.
It is important to promote social unity and peaceful coexistence with other communities, learning and practicing Unity in Diversity and to strengthen ethnic harmony, especially under the contemporary challenges within different faiths.
We recognized the paramount importance of working with the social leaders, government and other faith leaders to regulate the religious space and build moderation, tolerance and coexistence.
With contemporary challenges in the world around us, the need for initiatives which build bridges among communities have increased in the recent times. Accordingly, working hand-in-hand with our dedicated leaders in the country remains a foremost priority.
The success and the prosperity of mankind depends heavily on the strengthening of good qualities, and the upholding of humanity and brotherhood.
Based on the Qur’an and teachings of Prophet Muhammad (Peace be upon him) there are four stages to maintain coexistence within communities.
- Introducing ourselves to one another;
- Building better understanding between each other;
- Creating a state of tolerance between each other;
- Extending support in the state of cooperation in the agreeable subjects.
In order to restore understanding between the communities, the ACJU, the Council of Islamic Religious Scholars of Sri Lanka, pledged to build Harmony centers, libraries in mosques, schools and associations, similar to the practice in Singapore.
It is noteworthy, that the publication of Samaaja Sanwaada, the Social Dialogue Book Series, further created good understanding among communities and the significant educational tour under the theme ‘Let us protect our National Heritage’ strengthened a strong bond within the communities.
Constitution of Madinah
The teachings of Islam were revealed to promote peace, love and coexistence among humanity. The constitution of Madinah that attests to the religion’s essence of tolerance, diversity and coexistence among Nations.
It is significant to note that one of the first Constitutions in the History with regard to Religious Rites was introduced by Our beloved Prophet Muhammad peace be upon him, in the Holy City of Madinah, known as the Charter of Madinah.
The treaty of Madinah drafted by the Prophet (May peace and blessings be upon him) following his migration is historically considered one of the most important constitutional documents in the world.
The constitution established the principle of respecting ‘diversity’ and renouncing ‘disagreements’ and further-on the Prophet (May peace and blessings be upon him) acknowledged the freedom of faith and inter-religious relationships.
Through respecting and understanding diversity and allowing each other to live and love one another’s culture while maintaining their identity can lead to peaceful coexistence and shall contribute towards the development of our country.
Establishment of Peace, Harmony & Coexistence has to be the main aspiration and effort of all patriots of this country for the aggregated progress of our country.
