ذكريات سياسي مسلم سريلانكي بارز

ذكريات سياسي مسلم سريلانكي بارز

في مثل هذا اليوم قبل 25 عامًا، تلقّت الأقلية المسلمة في سريلانكا صدمة كبيرة بوفاة مؤسس وزعيم حزب مؤتمر مسلمي سريلانكا (SLMC)، محمد حسين محمد أشرف، إثر حادث تحطم مروحية مأساوي.

لمحة عن حياته ومسيرته

وُلد أشرف في 23 أكتوبر 1948 في قرية سامانثوراي بمحافظة أَمبارا، جنوب شرق سريلانكا، لوالديه محمد ميرا لبي حسين ومَتِينة أمّة. نشأ في قرية كالمونايكودي، ودَرَس في مدرسة ويسلي الثانوية في مدينة كالمنّاي. بعد ذلك التحق بكلية القانون حيث اجتاز الامتحانات بتفوّق.

وعمل لفترة كمستشار دولة (State Counsel) في مكتب النائب العام، لكنه ترك العمل الحكومي ثم عاد للمهنة القانونية الخاصة، مواصلاً دراساته حتى حصل على درجة البكالوريوس ثم الماجستير في القانون من جامعة كولومبو عام 1995، في حين كان يشغل منصب وزير. وفي سنة 1997، مُنح لقب مستشار خاص للرئيس (President’s Counsel).

وتزوّج أشرف من فيرِيال إسماعيل، التي كانت من غامبولا. التقى بها أول مرة خلال رحلة بالقطار في كورونغالا. وبعد وفاة أشرف دخلت فيرِيال السياسة بنفسها، وأصبحت أول امرأة مسلمة تتقلد منصب وزير، كما شغلت منصب مفوضة سامية (High Commissioner) في سنغافورة. ولهما ابن واحد يُدعى أمان يُدير وكالة إعلانات في العاصمة كولومبو.

دوره السياسي ورؤيته

  • أدرك أشرف منذ بداياته في الشرق أن المسلمين يفتقرون إلى تمثيل سياسي مؤثر، فرأى أن بناء صوت مستقل لهم سيكون خطوة محورية قادرة على إعادة رسم ملامح المعادلة السياسية.
  • بدأ نشاطه السياسي عبر التحالف مع جبهة تحرير التاميل المتحدة (TULF) والمشاركة في تأسيس الجبهة الإسلامية المتحدة (MUF)، في إطار محاولات لضمّ المسلمين إلى معادلة الصراع القائم بين العرقين التاميلي والسنهالي. غير أنه أدرك سريعًا أن القضية تستلزم كيانًا مستقلًا يُعبّر بوضوح عن تطلعات المسلمين ويدافع عن مصالحهم الخاصة.
  • أسّس في 21 سبتمبر 1981، مع سياسيين مسلمين آخرين حزب مؤتمر مسلمي سريلانكا (SLMC) في كاتانكودي. وبدأ الحزب في البداية ككيان إقليمي في الشرق، يركّز على القضايا الاجتماعية والثقافية أكثر من السياسية.
  • اضطر أشرف لمغادرة الشرق، مع تزايد أزمة العنف بين الطوائف – خصوصًا في مناطِق كالمنّاي وكارايثيفو في عام 1985 –، والانتقال إلى كولومبو بوصفه “لاجئًا سياسيًا”، لتوسيع نشاطه السياسي وتحرير الحزب من كونه محصورًا جغرافيًا.
  • عقد في عام 1986، مؤتمرًا للحزب في بونشي بوريلّا بالعاصمة كولومبو، ما مَهَّد لقيادته الرسمية للحزب، ولإعادة هيكلة SLMC كحزب شامل لكامل البلاد. وفي فبراير 1988، حصل الحزب رسميًا على ترخيص انتخابي ورُقّم له رمز “الشجرة”.
  • لم يقتصرأشرف نشاطه داخل حدود الأمور الجماعية فقط، بل رأى أن دور الحزب يجب أن يتوسع ليكون حاضرًا في السياسة الوطنية. لذلك شكّل في 1999 تحالفًا أوسع باسم تحالف الوحدة الوطنية (NUA)، ليُعبر عن رؤية سياسية تشمل مختلف الطوائف والمجتمعات، وليس فقط المسلمين. وكان لديه مخطط لسلام دائم يمتد حتى عام 2012.

منصباته وإنجازاته

عند وفاته، كان أشرف يتولى حقيبتي وزارة الشحن والموانئ ووزارة إعادة الإعمار والتعافي في حكومة الرئيسة السابقة تشاندريكا كوماراتونغا.

وتميّزت رؤيته السياسية بوعيٍ عميق بالهوية العرقية-الدينية للمسلمين؛ فمع أن شريحة واسعة منهم تتحدث التاميلية وتشارك في الثقافة الأدبية التاملية، إلا أنهم لم ينظروا إلى أنفسهم كجزء من الهوية التاميلية، بل باعتبارهم مسلمين، وهو انتماء ذو بعد سياسي واجتماعي مستقل.

الحادث والوفاة

في صباح يوم 16 سبتمبر 2000، حوالي الساعة التاسعة والنصف، استقل أشرف مروحية من طراز Mi-17 تابعة للقوات الجوية السريلانكية من منطقة بامبالابيتيا في كولومبو، متوجهًا إلى أمبارا في الشرق. وكان برفقته تسعة من قيادات حزبه، وثلاثة من حراسه الشخصيين، إضافةً إلى اثنين من طاقم الطائرة.

وبعد نحو خمسٍ وأربعين دقيقة من الإقلاع، انقطع الاتصال بالمروحية. وبعد عمليات بحث، عُثر على حطامها محترقًا في منطقة أرانياماكا – أورناياكي قرب كيغال بوسط سريلانكا. وحتى اليوم، لم تُعرف الأسباب الدقيقة للحادث رغم التحقيقات، إذ لم يُكشف عن دليل قاطع يحدد ملابساته.

وفي الليلة نفسها، أُقيمت صلاة الجنازة على روحه في مقبرة جاواتا بكولومبو، تنفيذًا لرغبته بأن يُوارى الثرى خلال ساعات قليلة من وفاته.

✍️ بقلم: الشيخ الدكتور محمد مخدوم بن عبدالجبار

شبكة سيلان الإخبارية

أول موقع عربي مستقل من جمهورية سريلانكا ويهتم بنشر ما هو جديد ومفيد على مدار الساعة من أخبار سريلانكا والمالديف ودول جنوب آسيا والعالم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *